ولا نرمي من العنوان الغمز إلى أن السلطة مقر الشيطان.. ولا لحكمة وفخامة من زهد بها ورأى قبحها... بل نرمي إلى أن السلطة، وكما تكشف قبح القبيح وتسفر عن طباعه التي كانت مستورة وغير مرئية للناس ولنفسه... فإنها أيضا قد تخفي عيوب وقبائح بعضهم الآخر... وتلوح السلطة وكأنها افصل صالونات التجميل لهذا النموذج... ونتفاجأ إذ يغادرون المنصب وتسقط معه ألوان ومساحيق الصالون ونراهم كما هم على حقيقتهم... وها نحن أمام احدهم يعيد إلى الأذهان المأثور الريفي القديم إذ قيل للقطة بأن برازها يصلح دواء... فعمدت من فورها إلى إخفاء برازها وطمره في التراب ...وهذا المسؤول السابق يبخل على السائل عن اتجاه الطريق... فما الكوارث التي أوقعها عندما كان بالمنصب؟؟؟ والأكيد في مرحلة العراق المريعة الآن سيفزع الناس من كائنات بعد مغادرتها السلطة عما فعلته... وسيحتقرون أنفسهم لأنهم خضعوا لسلطاتهم ولم يفطنوا تماما لخواص وصفات من قرروا مصائرهم.
ولأن الفساد والشر والرداءة تتأسس وتتناسل بكل المعاني, فقد ابتلى المجتمع بها.. والفرصة الخطأ التي حلت بمن استكثر رد التحية, وربما أمل أن يتقاضى من الآخر ثمن ردها... هذه الفرصة وسعت من محيط السوء ومن أخلاقه ...ويقال إن أولاد ذلك المسؤول القديم قد حصلوا بدورهم بفضل أبيهم على فرص لا يستحقونها, وتقدموا مع الوفاء لأخلاق أبيهم فيدفنون ويطمرون برازهم أن قيل لهم انه مفيد.
درج كثيرون على الابتعاد عن القريب والصديق حالما يتسنم منصبا, إلا أن المثير للانتباه الآن أن الرجل وحال ظفره بالكرسي وبعد أن يستعرض نفسه يستدرك وينكمش ويبتعد عن الآخرين... وفي سورة المال السائب قد يخون الرجل تأريخه وكل ارث عائلته المشرف وينقطع ,وربما بصفاقة عن ناسه متعللا بازدحام العمل وبالاجتماعات فضلا عن السفر واستبدال الهاتف ..من اجل الانزواء بمكاسبه وامتيازاته بعيدا عما قد يزعجه وينغصه ..والاهم عما قد يفتح عليه الأبواب والعيون. ولذا فالمتوقع في المستقبل إن المزورين والفاسدين والحثالات والرديئين سيشكلون مجتمعا يوثق لهذا الصنف لكي نترحم على ذاك المدير العام الذي تبين انه يبخل بإرشاد التائه في الطريق. |