ورأينا ,أخيرا ,الفرخة المهلوسة ,والتي كانت طاووسا ...فالطاووس ليس غير ريشه.. وإلا فانه دجاجة مسلوخة...وانطفأت النخبة من الأدباء والفنانين والمبدعين ...وكشفت لهم جحافل اللصوص وفيالق الفساد وحشود المزورين أنهم بلا مفعول ولم يكن لعطائهم من تأثير ووجودهم لا يختلف عما لو كان في أي بلد بدائي متخلف ...وانه عندما جد الجد يتقدم سواهم وترتفع أصوات الغوغاء والهمج ...ويموت الروائي فهد الاسدي مثل فطيسة مثلما يموت غيره ممن أبدعوا وخلقوا وتبختروا بإبداعهم في مجتمعاتهم ,يموتون مهملين ,منسيين ..وربما جياع ,,وفر من فر منهم إلى المنافي والغربة ترهقهم أحزان أخرى على اسألتهم التي لا يمكن أن تكون مجرد خواطر في بلدهم ...وربما سيكفرون بكفرهم ...ولا يجدون معنى بالسؤال عن الوجود والعلل الأولى ..وليس لهم أن يشكوا وان يستبدلوا ديكارت بآخر وان يتفاهموا مع عقول سعيدة بيقينياتها النهائية وأدمغتها باتجاهها الواحد وإطاراتها الضيقة ,فللبايالوجيا أحكامها وللجسد ضروراته ولديمومة العيش منطقها ...وكسدت بضاعة المبدع ,ولم يعد هناك من يطلبها حتى للتظاهر بالثقافة والمعاصرة ..فبضاعته أدرجت مع المتفجرات وأدوات الإرهاب ...أنها تمس يقينيات البلهاء ,وتثير هلعهم.. وتستنفرهم للحرب والجهاد ...
وكما هناك آلاف الشهادات الجامعية المزورة ...والتواريخ السياسية المزورة, والأدوار الوطنية المزورة, فقد تكشفت الأسماء الإبداعية المزورة ..وبذا تضاعفت خيبة الاصلاء من المبدعين وطفح بؤسهم... وبما وضع تلك المبادرة باقتراح تشكيل هيئة حكومية تعني بشؤون المثقفين الشخصية والإبداعية ,,وضعها في موضع الهزأة ..ولم يدعمها او يساندها احد ..ورأينا مبدعينا يتسربون الى الصمت والى الإهمال والى المنافي والى الموت, كما لو كانت إبداعات العراق مجرد كذبة وقد تلاشت واختفت الآن ...ولم تكن الأسماء العملاقة غير تقليعة وقد انتهى وقتها.
ان سرقات للمال العام تساوي كل منها ميزانية دولة ..مع شكوى عامة لأبسط متطلبات العيش ,ومع تسجيل المنظمات الدولية ,كل باختصاصها للعراق في صدارة السوء لا يمكن ان تكون للثقافة وللمثقفين من وجود وتأثير واعتبار ...ولا يمكن سماع صوت المبدع في محيط العنف والإلغاء واحتكار الحق والحقيقة ...وستكون النخبة في مثل هذا المحيط بمواصفات وشروط معينة هي التي تفرزها وتقررها شريحة الغوغاء من حملة البنادق والقناعات البلهاء ...ووجدنا ,في نهاية المطاف أن الثقافة تدخل ميدان التجارة والاستثمار بلا أخلاق ولا مفاهيم ولا مبادئ ..ومثالها الصحافة ومشهدها الهزلي ...ولم يبق غير وجوه رائعة في فضائيات قليلة في حشد فضائيات الغوغاء الممولة منذ الاحتلال ... |