عندما يجدّ ُ الجد , و يدق ناقوس الخطر , لا أجد من يحميني أو أحتمي به , لا الحكومة المنشغلة بالحفاظ على الكرسي , و لا المعارضة المنهمكة بالتنافس على إمتيازات السلطة , و لا نقابة الصحفيين التي أصبح همُّها الأول , توزيع الأستمارات و طلب المعلومات (المكررة) التي قدمها الصحفيون عشرين مرة , و لا الكذا او الكذا المخترق من البطن الى الظهر , انا أحتمي فقط بجريدة (المستقبل العراقي) , و أعتقد إنها سندي عند الضرورة , و مع ذلك لا اخاف من الحكومة و لا المعارضة و لا النقابة و لا الكذا , قدر خوفي من الجريدة نفسها , و هو ليس خوفا ً (شخصيا ً) على حياتي أو وظيفتي أو قلمي , بل هو خوف (عام) من طروحاتها , و آية ذلك , إن المستقبل العراقي , عادة ما تنفرد بأخبار نادرة , و تحصل على معلومات لا ينافسها عليها أحد , و هذا هو موطن الخوف بالنسبة لي , لأن تلك التقارير و الأخبار الصحفية النادرة , ترسم صورة قاتمة لما يجري في البلد , و تنبه بصوت عالٍ الى ما ينتظره العراق من نتائج لا تُحمد عقباها , إذا لم يتم تدارك الأمر من ذلك على سبيل المثال لا الحصر العنوان التالي [ من طراز أنتنوف المحظورة في الجيش الروسي لخطورة إستخدامها : المالكي يشتري طائرات روسية عاطلة / العدد 362 ] !
فأذا ما تجاوزنا مضمون هذا العنوان الذي كشف فيه [مصدر خبير بالشؤون العسكرية و متخصص في مجالات فحص الأسلحة , عن إن طائرات أنتنوف الروسية الصنع , و التي تعاقد العراق على شرائها من روسيا , تعد ّ من اكثر الطائرات رداءة في العالم ] و إذا ما تجاوزنا كذلك ما كشف عنه هذا المصدر من إن روسيا نفسها , لم تعد تستخدمها في معسكراتها و مطاراتها ( و راحت تضخ الكميات الموجودة لديها الى دول أوروبا الشرقية و آسيا و الشرق الأوسط و اميركا اللاتينية ] , لأنها كثيرة الأعطال [ و أغلب الحوادث تأتي من تعطل محركاتها في أثناء الطيران] , أقول : إذا تجاوزنا ذلك كله , و إتفقنا على إن الصفقة التي أبرمها رئيس الوزراء لم تكن موفقة , و هذا أمر ممكن الحدوث على الرغم من محاذيره الكبيرة , فأن المشكلة الحقيقية لا تكمن في التعاقد على تلك الطائرات , و إنما في اللجان الفنية التي وافقت عليها و أعطت الأشارة الخضراء , حيث ذكرت الجريدة إستنادا ً الى مصدر سياسي قوله [ إن تلك اللجان مؤلفة من أعضاء ليسوا على دراية بآليات التسليح و الأسلحة الحديثة , ففي بعض الأحيان تتم ترقية نائب ضابط الى رتبة عميد , و بعدها الى لواء , ثم يتم تعيينه كرئيس لجنة فحص !] و أضاف المصدر السياسي نفسه , إن المعيار في إختيار اعضاء اللجان [ يجب أن يكون التحصيل الدراسي العلمي و التطبيقي للعلوم العسكرية و تقنيات الأسلحة , و ليس الخدمة في صنوف المعارضة سابقا ً و النشاطات الحزبية !!]
أليس من حقي أن أخاف من جريدة المستقبل العراقي و مصداقيتها و متابعاتها الجادة للأحداث و تميزها بالتغطية الشاملة , على مستقبل العراق المجهول , و هو يمنح رتبة (لواء) في الجيش لعسكري برتبة (نائب ضابط) , ليس لكفاءته العالية أو موهبته الفذة او عقليته العسكرية العلمية , و إنما لأنه كان يوما ً في صفوف المعارضة , أليس من حقي و قد بلغ خوفي حدود الرعب أن أسأل من يعنيهم الأمر : لماذا نعتب على النظام المقبور عندما جعل من (العريف) علي حسن وزيرا ً للدفاع برتبة (فريق) , و من العريف حسين كامل وزيرا ً للتصنيع العسكري برتبة فريق , و هل ثمة فارق بين نائب الضابط الذي يصبح بدرجة (لواء) لأنه قادم من صفوف المعارضة , و بين العريف الذي يصبح بدرجة (فريق) لأنه ينحدر من سلالة المجيد ؟! تصفيق لجريدة المستقبل العراقي , و هي تضع الشعب في الصورة , بغض النظر عن أحزانهم التي لا تحتمل مزيدا ً من الحزن !! |