من بين رسائل كثيرة تصلني عبر أكثر من وسيلة , توقفت ً طويلا ً عند رسالة مثيرة للتأمل , فهي تحمل حكاية غريبة , زاد من غرابتها إن المرسل لم يذكر إسمه و لا عنوانه , ولا بد إن رسائل من هذا النوع تبقى مطعونا ً في مصداقيتها , مع إنه ليس من حقنا في الوقت نفسه , تكذيب أصحابها !
بعد أن إنتهى المواطن , الذي أشار الى إسمه بالحرف (س) – من عبارات المجاملة كتب التالي [ حكايتي نادرة من نوعها , و لكنني أقسم إنها حدثت لي فعلا ً بتاريخ 4/3/ 2012 حيث جمعتني المصادفة مع بضعة ركاب لا يعرف أحدنا الآخر , كنا نقطع طريقا ً صحراوية متوجهين الى (....) – هو لم يذكر الجهة – حين لحقت بنا مركبة من نوع (جيمسي) اجبرت السائق على التوقف , و ترجل منها شباب ملثمون , طلبوا منا مغادرة المركبة , و هم يشهرون السلاح في وجوهنا ] و بعد تفاصيل طويلة عن نوع السلاح الذي معهم و ماذا يرتدون , يواصل روايته [ سحبوا اول الركاب و وجهوا مسدسا ً الى رأسه , و سألوه : من يحميك ؟ و لم يفهم معنى السؤال , فأوضحوا له : نقصد من أية عشيرة أنت ؟! فردّ عليهم و جسده يرتعد : أنا شمري , هزوا رؤوسهم و أبعدوه جانبا ً بأشارة من قائدهم الذي قال بصريح العبارة : لا نريد التورط مع شمر !! و فعلوا الشيء نفسه مع الراكب الثاني الذي أخبرهم إنه من عشيرة الجاف , و أخبرهم الثالث إنه جبوري , و أخبرهم الرابع إنه عبيدي , و كلما ذكر الواحد منهم إسم عشيرته , قال القائد : لا نريد التورط مع هذه العشيرة و أوقفوه جانبا ً !!
كنا طوال الوقت نرفع أيدينا , و كنت آخر الركاب , و قد جاء دوري فتلعثمت و لم يصدر عني جواب , لأنني يا أستاذ والله العظيم لا أعرف عشيرتي , و لا من اين انحدر , فقد فتحت عيني على الدنيا , و انا ابن مدينة , و لم يحصل في يوم من الأيام أن سمعت أسرتي تتحدث بالأحساب و الانساب و العشائر , و حين طال صمتي , صفعني أحدهم بصوت غاضب : من يحميك يا أبن الـ....؟ و حيث لم أجد الجواب الذين ينتظرون , قلت لهم : أنا في حماية القانون و الحكومة و الدولة !! و علق أحدهم ساخرا ً : إذن أنت لقيط !! و ضجّ المكان بالضحك , و لكن القائد أسكتهم قائلا ً : كفى .. قوموا بالواجب , فقد عثرنا على هدف لا يقف وراءه أحد .. و لا يسبب لنا دوخة راس .. و هذا هو المطلوب ] و يواصل المواطن (س) حكايته [قامت العصابة بتفتيش جيوبي , و صادرت المبلغ الذي معي و هو 3 آلاف دولار , كنت إقترضته لأغراض السفر و العلاج في الخارج , ثم إتصل القائد بزوجتي , و طلب منها فدية قدرها (500) ألف دولار , و قد ردت عليهم بحزم : إنني لا أساوي عندها (500) دينار , و انها ممتنة منهم إذا خلصوها مني .. و أغلقت الخط , و هو ما دعاهم الى ضربي بقسوة قبل رميي في منطقة مهجورة و أنا معصوب العينين ] و ختم رسالته متسائلا [ من يعوضني عن الأضرار المادية و الجسدية التي لحقت بي ؟! و هل تصدق يا أستاذ إن العشيرة قادرة على حماية أبنائها , و الدولة عاجزة عن حماية مواطنيها , مع إننا نعيش في ظل دولة القانون ؟!]
بدوري أقول للمواطن : إذا أردت الحق فأنا لا أصدق مثل هذه الحكايات , و أعتقد إنها مفبركة , و وراءها أجندات مغرضة , لأننا يا سيد (س) لسنا دولة قانون (بالأسم) , و لو كنت ُ صادقا ً فيما تزعم , و تمتلك ذرة من الشجاعة , لذكرت إسمك الصريح و عنوانك الكامل ... لترى ماذا ستفعل دولة القانون !! |