واثق الجابري
أشد ما يؤذي النفس الإنسانية أن تثق بأحد ومن ثم تظهر الحقائق انه يعمل بالضد مما كنت تأمل منه، ومن الكوارث ان يتحول رجل الدولة البوليسية الذي يعتاش بالمجان على حساب المثقفين والفقراء والكادحين والشرفاء، الى رجل السياسة اللصوصية ويتخندق باام الطائفية والمناطقية والقومية، من كان ينهش قوت الجياع وأداة الدولة الدموية القمعية، أصبح أداة لامتصاص الأموال للبنوك الخارجية والعقارات في الدول الأجنبية ويتفنن في الاحتيال، ان يترك المحرومين ومن عبد دروب الحرية، بعيدا عن دائرة المسؤولية والاهتمام. تفاصيل مجريات أحداث لا توصف الاّ بالمخادعة والخيانة والجاسوسية وتطبيق للمآرب الخارجية، قادة البلد منذ ان عرف العراق من سيئ الى أسوأ، بسياسات عشوائية تنطوي على تحقيق الذات وتعويض عقدة النقص والاحتماء بالعشيرة والعائلة والحاشية، يمتهنون مواطنيها في طبقة افترضوا فيها نظرة الاستعلاء والاستكبار وحب التبعية والخضوع والولاء المطلق للمواطن دون سؤال على ما يفعلون، معتقدين ضالين مُضلَّلين بأن الحياة لا تقوم الاّ بهم وإنهم البديل عن الدولة بل إنهم الدولة كلها، لا يملكون من الحقائق شيئا إلاّ كلام الاعلام والتسقط لهذا والسير على اكتاف ذاك، وكثرة وجودها في الاعلام لم يعطها إلاّ أكثر سلبية لمواقفها الماضية والحالية، شعب كان حطباً لحروب عبثية وأفعال انتهازية، أصبح سلماً للتسلق باسم الديمقراطية، تقتطع أقواله المطالبة بحقوقها، وأعد له الخطابات المسبقة بالتمويه وتمرير المشاريع لغايات في نفوس مريضة لا ترى إلاّ نفسها، تحاط بمقربين تسمع فيها صدى صوتها، استهانة بالمجتمع والمثقفين والكفاءات وأصحاب التجارب والمضحين، وشعب يلوك الضيم بين حنايا جسمه النحيل من ويلات عذابات السنين، شعبيتهم تتلاشى بمرور الأيام لا يمكن إصلاحها بسياسة الكذب والمخداعة والوعود التي عادة ما تطلق كلما قربت من الانتخابات او خوض المعارك سابقاً او تبرير الأزمة بالأزمة الأكبر, وتحويل المشكلة إلى عقدة، المشكلة ليست بغياب الشخوص انما غياب التشخيص، ووجود الخطوط وغياب التخطيط، والهروب لتدارك الواقع السيئ وتراجع الشعبية والفشل السياسي والأمني والخدمي والاقتصادي، سياسة تقوم على المنع حد الفاقة وتقطيرها بالتدريج بشكل، هبات مكرمات وعطايا، وخيرات المواطن تسرق من تحت الأقدام يعطى الفتات منها بمنة وتفضل، وهزائم المعارك انتصارات باسم تفويت الفرصة على العدو وإنه لم يصل لغاياته، وأيّ غاية أسمى من دماء الأبرياء! بعد ان استنزفت الدماء وقطعت أشلاء الأطفال، ووعود لا يمكن تحقيقها حتى أصبح الظهور الاعلامي والأبواق سلبية للقناعة إن الكذب وسيلة الضعفاء لتمرير نواياهم، التوقيات كانت تسبق الكوارث واليوم تسبق الانتخابات، جميع هذه الأمور إعلامية وحبر على ورق ولا تعدو كونها حلول ترقيعية مجتزئة، و إذا ما حصل بعضها من وعود، فإنها لا تعدو ان تكون دعايات انتخابية وهبات يراد منها التأثير على نفسية الناخب العراقي البسيط، وتسجيلها بأسماء أشخاص بديل عن الدولة، وتعويض فشل ادارة الدولة بالشعارات ومزيد من الأزمات والإنجازات الشكلية، والواقع يقول ان أغلب ساسة البولسية تحولوا بالولاءات الى ساسة اللصوصية، ويبقى المواطن ينتظر متى يحصل على موطيء قدم له في موطنه كي يشعر بالانتماء الى ترابه، وكيف يستطيع ان يتزع حقوقه من بين ركام الخديعة والمماطلة والتسويف.
|