وليد الغيباني
المتابع للأخبار الإسرائيلية يلاحظ أن الممارسات العنصرية والاستفزازية تتزايد بشكل مطّرد كلما ازداد الحديث عن أهمية المفاوضات والتسوية السلمية. والمشكلة ليست عند جمهور المتطرفين، كما يحلو لمن يوصفون بالمعتدلين داخل الحكومة الاسرائيلية أن يقولوا حين يراجعهم الجانب الفلسطيني بمثل هذه الممارسات، ولكن في رأس الحكومة الاسرائيلية وأحزاب التحالف الحكومي وخاصة حزب الليكود بزعامة نتانياهو. الحكومة الاسرائيلية بتركيبتها الحالية عاجزة عن منح الفلسطينيين اي حق من حقوقهم، لأنها مكبلة بالتعهدات المقطوعة لجمهورها من المتطرفين اليمينيين، ولذلك فإن الجلوس إلى طاولة المفاوضات لا يعني أن تقدماً قد حصل، أو أن عجلة التسوية انطلقت، بقدر ما هي وسيلة للتغطية على تهرب الحكومة الإسرائيلية من استحقاقات السلام عبر منح العطاءات والإعلان عن مشاريع استيطانية جديدة، تفوق في قدرتها الاستيعابية أي تزايد سكاني في الدولة العبرية. ولذلك فإن هذه المستوطنات السياسية التي يجري العمل عليها لا تهدف إلا إلى إحباط أي أمل في حل سياسي يمكن أن ينهي هذا الصراع المستمر منذ نحو قرن كامل. لا شك في أن الحكومة الاسرائيلية هي المسؤولة أولاً وأخيراً عن حالة الجمود التي تعانيها المفاوضات، وقد توصل الجانب الفلسطيني خلال العقدين الماضيين إلى نتيجة مفادها أن إسرائيل لا تريد أي تسوية سياسية على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام والعودة إلى خط الرابع من حزيران كخط حدود بين الدولتين، ولذلك تجدها تصر على فكرة تبادل الأراضي، والاحتفاظ بالقدس الشرقية والمستوطنات، مما يجعل إمكانية قيام دولة فلسطينية أمراً شبه مستحيل. ومن أجل الوقوف في وجه الاستفراد الاسرائيلي بالسلطة الفلسطينية، لابد من إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني التي حولت الضفة الغربية وقطاع غزة إلى منطقتين متباعدتين سياسياً وقانونياً، ولا شك في أن المستفيد من حالة الانقسام هذه هو إسرائيل، ولا أحد غيرها، ومن هنا فإن الطريق نحو الحصول على الحقوق والوقوف في وجه الأطماع الإسرائيلية يبدأ من المصالحة الفلسطينية.
|