المستقبل العراقي/ متابعة
تلعب الأسواق دوراً مهماً في حياة الشعوب حيث أسهمت منذ مئات السنين في رفع دخل الفرد من جانب، ووفرت ما يحتاجه الإنسان من مادة أولية تدخل في حياته اليومية، وفي العراق كانت ومازالت الأسواق اللاعب الرئيس في الحياة الاقتصادية لكنها ورغم دورها المتميز بقيت دون عناية وتأثرت بالواقع الخدمي المتعثر وهذا ما نشهده في مدينة الحلة التي تحتفظ بالسوق المسقف الكبير الذي يضم العشرات من المحال والمخازن والبسطيات. أنشئ السوق المسقف الكبير في الحلة قرابة عام 1935 وكان يقتصر في ذلك الوقت على كبار التجار من بائعي الأقمشة والمواد الغذائية لكنه ما لبث ان ضم محالا لبيع السكائر والفافون والأثاث المكتبي والأجهزة المنزلية لا بل حتى محال لبيع اللحوم والمعلبات والحلويات، ما يعد ذلك تجاوزا على خصوصيته في التعامل مع بضاعات معينة عرف بها منذ القدم.
قبلة الزائرين يقول رئيس غرفة تجارة بابل المهندس صادق هاشم الفيحان ان سوق المسقف الكبير لعب دوراً مهماً في النهوض بالواقع الاقتصادي للمحافظة كونه يضم محال لبيع البضائع بمختلف أنواعها بسعر الجملة، مشيراً إلى أن الصورة الحضارية التي يحملها جعلت منه قبلة للزائرين، ففي العقدين الستيني والسبعيني كان يستقبل العشرات من السياح الأجانب من الجنسيات الكورية واليونانية والفرنسية، الا اننا للأسف لم نجد أي اهتمام بهذا السوق الذي يحتاج إلى المجاري وتغليف الواجهات وإدامة الأرصفة إضافة إلى تنظيم العمل التجاري بما ينسجم وتطلعات النهوض بالواقع الاقتصادي. وبين الفيحان ان هناك عدة فروع في سوق المسقف، تسمى القيصريات التي تختص بمهنة دون غيرها كالصاغة والبزازين.
السوق ملاذ لمهن كثيرة ويضع أحد تجار سوق الحلة الكبيرة عدة علامات استفهام حول السماح للكثير من البضائع من استخدام السوق الذي كان مقتصرا منذ عدة عقود على نوعية معينة ومشخصة من قبل أهالي المحافظة. وقال الحاج سلمان رضا ان البقالين اخذوا ينتشرون بشكل واسع اضافة الى بائعي اللحوم المجمدة الذين لا يأبهون بالروائح التي أخذت تنتشر في السوق، اعتقد انه أصبح ملاذا آمنا للكثير من المهن التي باتت تهرب من الدوائر البلدية تارة ومن الظرف الأمني تارة أخرى. واضاف رضا الى وقت قريب كان السوق المسقف يعد المركز التجاري الاول في المحافظة، غير ان العمليات الارهابية الكثيرة التي استهدفت بعض الاسواق والشوارع مثل شارع المكتبات الذي يقع في الجانب الشرقي من السوق الكبير بمحاذاة شط الحلة جعلت غالبية المواطنين والمتبضعين يبتعدون عن دخول السوق الكبير الذي يصعب السيطرة عليه أمنيا بسبب كثرة الأسواق والأزقة المتفرعة عنه والمؤدية اليه، وازاء هذه الظاهرة فقد توسعت اسواق الجملة في مدينة الحلة واخذت تنتشر في مناطق تمتاز بقلة الكثافة البشرية مثل شارعي الطهمازية واربعين اللذين انتشرت فيهما محال بيع الجملة، ما اصاب بعض تجار السوق الكبير بالكساد، خاصة ان بدلات الإيجار في هذا السوق اخذت ترتفع بشكل خيالي مع زيادة عدد المشتغلين بالتجارة وتوافد عدد كبير من تجار بغداد الى محافظة بابل هربا من الإرهاب الذي تشهده العاصمة. يقول الزميل الاعلامي سعد الحداد ان السوق اصبح حاليا عبارة عن مكاتب لبيع الاقراص الفديوية وهي ظاهرة غير مقبولة عند عامة الناس لما فيها من انتهاكات لحقوقهم حيث تفرض عليهم سماع الاغاني الرخيصة, موضحا ان غالبية الباعة المتجولين في السوق هم من الشباب العاطلين عن العمل او المعاقين.
جغرافية سوق الحلة الكبير رئيس لجنة التخطيط في مجلس بابل أميرة البكري قالت ان سوق الحلة الكبير عبارة عن شارع طويل يمتد لمسافة 500م وعرضه 4 - 5 م، تم تسقيفه بصفائح معدنية من (الچينكو) مثلثة الشكل تقريباً لمنع حرارة الصيف وبرودة وامطار الشتاء من التأثير على المتبضعين والبضائع، مبينة ان السوق لم يكن بطوله الحالي قد انشئ دفعة واحدة، بل لم يكن اول سوق في الحلة، انما هناك سوق صغير يحاذيه من الجانب الجنوبي يسمى بـ (سوق الغَيْبة) ذكره المؤرخون والرحالة الذين زاروا مدينة الحلة قبل قرون، واقترن اسمه بمقام للإمام محمد بن الحسن المهدي (عج)، اما السوق الكبير فقد تطور على عدة مراحل من الإعمار وبني منذ اكثر من قرنين.وأكدت ان هناك تصورا كاملا لدى الحكومة المحلية عن واقع أسواق الحلة خاصة تلك التي تحمل طابعاً حضارياً مثل سوق الحطابات والصفافير والطيور. وقدمنا في الفترة الماضية عدة مقترحات من أجل تطويرها. موضحة ان لدينا الآن مخططات كاملة لمدينة الحرفيين التي يمكنها أن تحوي جميع المهن التي ربما تكون دخيلة على سوق الحلة الكبير المسمى بسوق المسقف الذي نريده أن يبقى على خصوصيتهِ في ضم بعض المحال، مشيرة إلى ان هناك أجزاء من السوق قد تضررت جراء الأعمال الإرهابية التي حدثت في المدينة وهذا ما يجعلنا نؤمن أنه بحاجة ماسة الى لمسة تطوير وتحديث من قبل الحكومة المحلية بدوائرها الخدمية كافة.
تعاون المواطن مصدر في بلدية الحلة رفض الكشف عن اسمه قال ان السوق الكبير يقع ضمن اربع مناطق كبيرة وهي الطاق والجباويين والمهدية وجبران لذا كان من البديهي ان يتعرض الى الاهمال على مدى ثلاثين عاما تقريبا وان أعمال الإدامة والتنظيفات كانت تجمع من جيوب التجار. وبعد عام 2003 شهد السوق تطوراً ملحوظاً حيث أقام فريق الإعمار الأميركي حملة لا بأس بها وان كانت متواضعة. وحول صيانة المجاري وأعمال التنظيف قال: هناك عمل يستمر طوال اليوم وان السوق يقع تحت مراقبة المسؤولين كونه قريبا من دائرة البلدية لكننا نعاني من عدم تعاون المواطن سواء صاحب المتجر او المتبضع الذي يرمي بمخلفات بضاعته في وسط الشارع اضافة الى ان السوق يحتوي على الكثير من بسطيات الباعة وهم في عادتهم فوضويون لا يدركون المسؤولية التي تقع على عاتقهم في الحفاظ على جمالية السوق.
|