فؤاد حسون
انتظار اعتلى الشاعر منصة الاحتفال وقبل القاء قصيدته دفعته الانا الى استعراض شخصه وبناء قصيدته المعنونة انتظار .. وتستجيب معه الى نداءات الاغاني لانطباعها على حياة الناس التي تحتسي التصريحات والوعود ، وتنشد الفرج في محراب بلا درج .. وما زالوا في لحظات الانتظار يعاشرون حدوث الوصول الى امل قد يأتي ولا يأتي ..
طائر الحرية كل ليلة تفتش احلامه عن رؤية متتابعة يافعة ، تنمو وتجسد صور في رؤيا النجوم وكأنها خواتم في اصابعها ، فيكتشف تردي حالة وقد مكثت داخل كيانه ذكريات ما عاد يرى شيئا ، وتضعه في مدارات غريبة تذهل العقل غير المستقل ، فترسخت رؤاها في تصرفاته وكأنها مسبحة سوداء تقطعت وانفرط عقدها الانيق ، فتقطعت به السبل كمشرد غريب، وهناك في الارض الواسعة تكدرت صورته وامسى لا يقدم ولا يؤخر ، فما الذي يا ترى عليه ان يفعله سوى اجترار الذكريات الحلوة في فضاء سوق القلوب المسروقة في مزاد النحاسة ، في رؤية تماثل زمنا طويلا من حياة قيس وعنترة .. وكانت تجربة راسخة في وجدانه بأسى ، اذ انفصل روحيا عن المكان والزمان والبشر اينما حل واينما ارتحل .. الحياة ضاقت به ، مكبل في شرود جعله يتساءل في حينها : الذئاب قتلت الربيع واتهموني الفاعل مع سبق الاصرار هذا خطف روحه وصار حياته وادرك لحظتها كأبن ضال يتجه به المطاف نحو الضاحكين من الموت فوق جناحي طائر الحرية .
اليتيم امراة في العقد السادس من عمرها ، تجلس على رصيف الغيوم تندب حظها المحشو بالذكريات الحلوة والمرة حينما يعتصرها الحزن في مساحة صدرها ، ونظرها يتسلل الى باب دائرة الطب العدلي ، بيد انها مصطحبة معها فرشة عرسه اليتيم كي تلبسها نعشه .. تنهدت وهي ترمق النعش محمولا، رفعت الام يديها الى السماء طالبة ان تخمد نيران الفراق ، وهي تدد : ما هذا ما جناه الفقر علي وجلب الذباب .. وبعد صمت قصير ، تضيف : يا الهي ، لم يحظر ببالي استشهاد ابني ، وهذا ما دفع الغرباء على تسلق جدران الرفاهية والتنعم في خيرات البلاد المتمددة ارضه تحت ضغط القلق والاختطاف.
|