بغداد/ المستقبل العراقي
النازحون من المناطق العراقية الساخنة في محافظات (الموصل، الأنبار، صلاح الدين، وديالى) التي وقعت تحت سيطرة «داعش»، إلى محافظتي (كربلاء والنجف) يواجهون اليوم صعوبات فصل الشتاء بما يصحبه من برد وعواصف مطرية، وقد لا ينجو بعضهم، ممّن سكنوا الحسينيّات المنتشرة على الطريق بين النجف وكربلاء، من تلك المصاعب، لأنّ تلك الحسينيّات غير معدّة للسكن فيها لفترة طويلة.وعلى الرغم من وصول عدد من الخيام المؤقتة إلّا أنّها، بحسب معنيين، لن تكون كافية نسبةً إلى أعداد النازحين الكبيرة. وقد انتقد وزير حقوق الإنسان، محمد مهدي البياتي، خلال زيارته للنجف، بطء تحرك اللجنة الوزارية المكلفة توفير احتياجات النازحين. فيما ينتقد معنيون بملف النازحين، الروتين الحكومي الذي يعرقل أغلب جهود المنظمات الساعية إلى توفير مأوى مستقر للنازحين، لحين انتهاء العمليات العسكرية في المدن الساخنة.وفي هذا السياق تحدّثت، أمّ سجى، النازحة من تلعفر، عن معاناة النازحين إلى النّجف قائلةً لـ«الأخبار»: «إنّ حلول فصل الشتاء بات مشكلة تؤرق النازحين الذين تركوا بيوتهم هرباً من الموت» وقالت أمّ سجى: «لا نطلب من الحكومة إلا أن تعيدنا إلى قريتنا وبيوتنا، فلا حلّ يفي بالغرض كالرجوع إلى الدار، والعيش بسلام كما كنا في السابق»، شارحةً معاناة الأطفال خلال رحلة النزوح، متخوّفةً من أنّهم «سيتعرضون مجدداً للأمراض، إذ لا تتوافر في الحسينيات الشروط الملائمة لقضاء فصل الشتاء، خاصّة بوجود أطفال حديثي الولادة يختلطون بباقي الأطفال ما يسبب لهم العدوى». فيما يتساءل محمد الدليمي، النازح من محافظة الأنبار (الرمادي) إلى محافظة كربلاء عن مصير العوائل، وخاصة الأطفال في فصل الشتاء، مشيراً إلى أنّ: البيت الواحد الذي لا تتجاوز مساحته 250 م يسكن فيه أكثر من 70 شخصاً». ويذكر الدليمي أنّ: «المنظمات تقدّم لنا مساعدات، كالوجبات الغذائية والبطانيات، ومع شكرنا لهم، إلا أننا نطالب بتوفير السكن الملائم، فنحن لا نحتاج هذه المساعدات بقدر حاجتنا لتوفير السكن الملائم للعوائل النازحة في موسم الشتاء».من جانبها تؤكد رئيسة لجنة الهجرة والمهجرين في مجلس محافظة كربلاء، ليلى المشهداني، أنّ الحكومة تعمل على إنشاء مخيّم للنازحين في كربلاء، قريباً من شركة الدواجن، جنوبي كربلاء، شارحةً: «هناك نوعان من وسائل السكن في المخيم، الكرفانات، والخيام»، مطالبةً المنظمات الدولية (اليونيسف ومنظمة الهجرة الدولية) بمساعدة الحكومة المحلية في كربلاء من أجل بناء مخيّم للنازحين، ومساعدة العوائل النازحة، وحمايتهم من ظروف الشتاء القاسية. كذلك طالبت الحكومة المركزية بتحويل المبالغ المخصصة للعوائل النازحة لمساعدة هذه العوائل، موضحةً أنّ «عدد العوائل النازحة، إلى كربلاء فقط، وصل إلى 12460 عائلة». فيما حذر مدير منظمة مراقبة حقوق الإنسان العراقية، المتابعة لشؤون النازحين في المحافظات الجنوبية، أحمد الموسوي، من أن يكون موسم الشتاء قاسياً جداً على النازحين ما لم تتخذ الحكومة العراقية إجراءات سريعة لحمايتهم. مطالباً بـ«أن تكون هناك مخيمات ملائمة، تتوافر فيها الشروط الصحيّة والخدمية، من أجل حماية هذه الأسر». ودعا الموسوي، المنظمات الدولية، والأمم المتحدة، إلى مساعدة الحكومة العراقية في هذا الملف لتفادي الكارثة قبل وقوعها.محافظة النجف اشتكت أيضاً من الإجراءات البطيئة للجنة المركزية للنازحين، التي لم تكن مكترثة بما يواجهه النازحون من ظروف قاسية، بحسب ما قاله رئيس لجنة النازحين في مجلس محافظة النجف، محسن التميمي، مؤكداً أنّ «عدم إقرار موازنة عام 2014 كان سبباً رئيساً لتلكؤ أداء مجالس المحافظات في تحقيق المطلوب منها تجاه النازحين». وأشار إلى أنّ لجنة النازحين في مجلس المحافظة «اضطرت إلى التنسيق مع المنظمات الدولية المانحة، ومنها منظمة الأمم المتحدة، لإيجاد سبل كفيلة بتخفيف معاناة أصحاب المواكب، الذين أسهموا كثيراً في استيعاب الأعداد الكبيرة للنازحين في المحافظة، وهم اليوم بحاجة إلى الحسينيات خلال أيام أربعينية الإمام الحسين عليه السلام، ولذلك ستُنصَب 1800 خيمة على طريق «يا حسين» من طريق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، لإيواء النازحين خلال هذه الفترة». يذكر أنّ استبياناً عشوائياً جرى لعيّنة من النازحين مكونة من 500 عائلة، وشمل 25 ألفاً و450 نازحاً، تبين عبره أن 432 عائلة منها لديها شهيد من أصل 530 شهيداً، ما يعني وجود عوائل لديها أكثر من شهيد، وفيهم أيضاً 5 آلاف و 958 طالباً وطالبة، بحسب الاستبيان.
|