المستقبل العراقي /متابعة - كثيرة هي المواقف التي نفقد فيها القدرة على الاحتمال، وقد تكون لحظات عابرة كطابور طويل في السوق، او انتظار اتصال هاتفي، او انتظار خبر مهم وحتى نتيجة ما. وأحيانا يصل الأمر لشعور بالضيق والنرفزة، والاحساس بأن الشخص على وشك فقدان اعصابه، وكأن هناك قنبلة موقوتة جاهزة للانفجار، ومهما تصرف الفرد في مثل هذه المواقف، فإنه لن يحقق شيئا سوى جلب الإحراج لنفسه، وفقدانه للسيطرة لن يغير من الوضع شيئا.لكن الحال يختلف لوكان الشخص نفسه قادرا على الاحتمال أو بمعنى أوضح ان يكون صبورا، وهذا يمنحه قدرة على ضبط نفسه والتخلص من حالة الشعور بالملل الذي يتسرب خلال الانتظار. وبحسب موقع “كوزموبوليتان”، فإن الصبر مهارة وليس صفة موروثة تتواجد في الجينات، وتحول الشعور بالعجز والغضب الى وقوة وراحة. وأن تكون صبورا، يعني ان تغدو قادرا على تحمل النتائج السلبية واي تأخير وظرف يصيبك بالملل، دون ان تشعر بالاحباط او العصبية، ويعني ايضا السيطرة على العواطف والانفعالات والاندفاع بسلاسة وسط سيل من المواقف الصعبة. وينعكس الصبر بفوائده على مناح مختلفة من الحياة، منها؛ دوره في التقليل من مستويات التوتر الفردي، ورفع مستوى السعادة، فالشخص الصبور قادر على السطيرة على عواطفه، كما أنه أكثر قدرة على التعامل مع الأوضاع والمواقف الصعبة بسهولة واتزان. ومن يتحلى بالصبر، يمتلك القدرة على اتخاذ أفضل القرارات، لأنه ينظر إلى الصورة من كل جوانبها، ويزن السلبيات والايجابيات لكل خطوة يخطوها، وتتراجع فرص وقوع الخطأ في المشاكل، لأنه يستغرق الوقت الكافي لدراسة الوضع وتقييمه. ويحتاج الجميع للصبر في كل تفاصيل الحياة اليومية، بدءا من غايات شخصية وحتى الحياة العملية، ويوفر شعورا بالراحة والطمأنينة وتقديرا للذات واي جهد مبذول. ويساعد الصبر على تطوير التفاهم والتعاطف والشفقة، فالشخص الصبور أكثر تلقائية ووجدانية مع نفسه ومع الآخرين، وقادر على تحديد ما يلزمه للتغلب على العقبات، مما يجعله أكثر قدرة على فهم الآخرين، وينعكس ذلك ايجابا على العلاقات التي يخوضها في حياته العملية والخاصة، إلى جانب أن الصبر يطور القدرة على فهم الأمور ونموها، وتقدير أهمية عامل الوقت. وتطوير وتنمية مهارة الصبر الفردية من خلال طرق عدة، اهمها التفكير به كهدف ووصفة ايجابية، والحرص على بذل جهود متضافرة، وأخذ الوقت للتفكير في كل شيء تقوم به في كل لحظة. والتفكير لا يعني فقط شغل الفكر وانما ملاحقة كل تفصيل والتركيز فيه، من حيث القرارات التي تتخذها، واجعل منه روتينا يوميا، فتطوير الصبر يتطلب ممارسة يومية مثل ممارسة التمارين الرياضية، التي تحتاج مجهودا في بادئ الأمر قبل الاعتياد عليها. ويأتي التمهل والتأني في المرتبة الثانية، فالاندفاع في تنفيذ الأمور وتسريعها بعض الشيء بشكل خارج عن مسارها الطبيعي لن يؤتيك نتيجة طيبة. وبدلا منه توقف للحظة، وخذ نفسا عميقا قبل فعل هذا الأمر، فلو كنت تقف في صف طويل على سبيل المثال والصف مزدحم، والحركة كثيفة، خذ قرارا بالتوقف والانتظار، واستمتع بالمنظر، بالرغم من أن ذلك صعب، ولكن فكر أن حالك حال كل من يقف في هذا الخط الطويل، ونفاد صبرك لن يجعل دورك يأتي بسرعة، فلماذا تحرق أعصابك من دون سبب مبرر. وقبل ان تقدم على خطوة معينة ادرسها بعناية، وهذا يشمل دراسة أي قول او فعل قبل صدوره عنك، فتخيل الانطلاق بالحديث بشكل مفاجئ في موقف صعب، قد يوقعك في عواقب غير حميدة، فيما التأني فيه يجنبك إيذاء من حولك وإحراج نفسك. وسر الصبر هو القناعة، فأن تكون قنوعا وراضيا، هو بلسم شاف، فحين تشعر بضيق وتثاقل وعصبية وانت تنظر فيما تنفد قدرتك على الاحتمال اكثر يضعك في دائرة من الخطر. في هذه الحالة لا يطلب منك التفكير فحالتك العقلية خلال نفاد صبرك تكون على النحو التالي: تصاب بتوتر وتنقبض أعصابك.وعليه قاوم عصبيتك شيئا فشيئا بالتركيز على أمر اخر، سترى أن الوقت سينتهي بسرعة بحسب الجـــانب الذي تقف فيه، فلا ترى في الانتظار مصيبة، بل فرصة للتفكير بأمور مختلفة لا تتاح لك في وقت آخر.
|