المستقبل العراقي/متابعة
- يصعب على كثير من الأهالي عند تربية أبنائهم إقناع صغارهم أن هذا العمل هو المناسب لهم، وأن هناك محاذير يجب تجنبها، فضلا عن ضرورة حل الواجبات المدرسية، ما يجعل الوالدين يلجآن لاستخدام أسلوب المكافأة والتعزيز في تحبيبهم بأمر ما وتجنيبهم آخر.وهو أسلوب تتبعه أم زياد(39 عاما) مع أبنائها الثلاثة يوميا، من زيادة مصروف إلى وعود برحلات ترفيهية مقابل إنهائهم للواجبات المدرسية، وهو ما بات يعود عليها بالأثر السلبي وفق ما تقول لأنه “لم يعد يرضيهم القليل”.وعن سبب لجوئها لهذا الأسلوب تقول “اعتمدته لقناعتي أنه يجعل الطفل أكثر قدرة على الامتثال لرأيي عندما أعززه، بما هو مادي”، مشيرة إلى أن الأمر “لم يعد يلقى استحسانا من أبنائها اليوم خصوصا وأنهم أصبحوا لا ينجزون أي مطلب إلا بعد تقديم مقابل له”. وسام (31 عاما) التي كانت ترفض أن تجعل ابنتيها تقومان بواجباتهما مقابل حافز مادي أو حتى معنوي، أصبحت مؤخرا تعتمد هذا الأسلوب، بهدف تغيير روتين ابنتيها اللتين لم تعودا تنجزان واجباتهما المدرسية وحتى المنزلية، كالسابق، وفق قولها، موضحة أن هذه الطريقة “لاقت النتيجة المطلوبة”، غير أنها بدأت تتراجع عن استخدامه؛ لأنها أصبحت ترى أن ابنتيها أصبحتا تنتظران كل فترة سواء ما يتعلق بمقابل مادي أو حتى ترفيهي لإنجاز واجباتهما، ما جعلها تعتمد الأسلوب التعزيزي المعنوي فقط، من شكر وملاطفة وحسن تعامل. ولا يرى أبو يزن (40 عاما) سببا يدعو لعدم التعزيز الذي يراه دائما يعود بإيجابية تامة على الأبناء، إذ اعتاد أن يرضي أبناءه مقابل الواجبات التي يؤدونها وإن كانت بسيطة، بمقابل، موضحا أنه لم يلمس لغاية اليوم ما هو سلبي، مشددا أنه لجأ، منذ أعوام، إلى موضوع التعزيز بالمكافأة المادية، حيث تكون متناسقة مع المجهود، وهو ما يقدر وفقا لرؤيته للجهد، فإذا كان الجهد كبيرا فإنه يرفع قيمة المكافأة، وكلما قل الجهد يقلل المبلغ الذي يعطيه لأبنائه.الاستشاري الأسري والتربوي د.محمد السعدي يؤكد أنه “ليس من السهل أن نملي على الأطفال ما ينبغي أن يفعلوه، ما يدعو الآباء للتفكير الإيجابي في تهذيب الطفل وتوجيه ذاته، ومن تلك الأساليب التعزيز؛ المادي والمعنوي”، موضحا أن المقابل المعنوي كاللجوء إلى المدح والإطراء على كل فعل إيجابي يقوم به الطفل، لا ضير منه وله تأثير أعظم من اللوم والتأنيب. ويشعر الطفل، وفق أبو السعود، بالارتياح والرضا عند تقديم المكافأة له سواء أكانت مادية أو معنوية محسوسة مثل؛ ابتسامة الأم أو توجيه كلمة تشجيع منها والتي تعني أعظم مكافأة منها بالنسبة لطفلها، لكن الطفل كلما كبر فى السن يجد الأهل أن المكافآت التي ترضيه صعبة للغاية، وفق أبو السعود الذي ينوه إلى أن التعزيز الإيجابي يفقد قيمته ويتحول إلى سلبي إذا ما أكثر الأهل من استخدامه، ولم يكن مقننا، مشددا على أنه “ليس جميع الواجبات يجب أن يكافأ عليها الطفل، كونه يجب أن يشعر أن عليه واجبا يجب أن يؤديه بغض النظر عن المكافأة المادية”. ومن سلبيات التعزيز السلبي، التي لا ينتبه لها الأهل، بحسب أبو السعود، “عدم تقديم الطفل للمهام التي عليه إنجازها، أيا كانت عندما يكبر، إلا بعد أن يأخذ بالمقابل مكسبا أو ربحا كبيرا يرضيه”. التعزيز المادي، على وجه الخصوص، يجب أن يكون للشيء المتميز أو لتعديل سلوك من سلبي لإيجابي عند الطفل، وفق أبو السعود، الذي يبيّن أن ذلك يعود بفائدة إيجابية على الطفل، لافتا إلى أنه “لا يجوز أن تعطى المكافأة للطفل بشكل متكرر، ليشعر أن عليه واجبات أكاديمية واجتماعية عليه أن يؤديها من دون مكافآت. من جانبه يرى اختصاصي علم النفس د. جمال الخطيب أن السلوك البشري قائم على مبدأ التقليد والتعزيز، والأخير “مسألة مهمة لا يمكن أن يكون لها أثر سلبي إلا بتناقض قيمة المكافأة مع المجهود”. ولا يجوز، كما يؤكد الخطيب، أن تكون المكافأة لنجاح طالب سيارة على سبيل المثال، إذ يجب أن يدرك الابن والطفل أن الشعور بالجهد يقترن بالمكافأة المناسبة والمتوقعة، وهذا يعتمد على مدى معرفة الآباء باحتياجات أبنائهم، منوها إلى أن المهم أن تكون سبل التعزيز والمكافآت تنضوي على حدود حاجيات وأساسيات الابن، لا رغباتهم، كون الرغبات لا تنتهي، ويجب الاعتماد على الاحتياجات وهو ما يتطلب من الآباء معرفة تامة بتلك الحاجات والتمييز بينها وبين الرغبات.
|