المستقبل العراقي/متابعة
على مدى عشرات السنين، ركز علماء النفس على الآثار الإيجابية لقراءة الآباء قصصاً لأبنائهم، وحكايتهم لقصص أخرى لهم، وهذه طريقة سليمة لتعليم الأطفال التفكير الواقعي؛ حيث إن القصص توضح للأطفال كيف يقوم الناس بحل مشكلاتهم.ولعلنا نلحظ تأثيرها على سلوك الأطفال وعلى تشكيل ثقافتهم، وعلى أساليب الحياة من القصص التي تناولت التاريخ الوطني أو الثقافي أو العائلي، لذا تعد القصة من أهم الحوافز التي تُعطى للطفل والتي تعمل على إكسابه المزيد من المهارات وتنمية القدرات العقلية والتنمية الاجتماعية والنفسية والانفعالية عند الأطفال.ونستطيع القول إن القصة هي من المركبات الأساسية في حياة الطفل؛ إذ تعمل القصة على تصور جوانب الحياة وتعبر عن العواطف الإنسانية وتصف الطبيعة وتشرح الحياة الاجتماعية وتساعد على الوصول إلى المثل العليا بما فيها من تأثيرات في أعماق النفوس، وكما تساعد على تكوين اتجاهات واضحة وقيم متعددة، وتثير فيه إحساسات جمالية وانفعالات عاطفية وتجعله أكثر تعاطفا مع الآخرين. إن خيال الطفل في مختلف مراحل نموه خصب يساعده على التصور والتخيل، لذا يسهل على الطفل أن يحيا في جو الصور الخيالية التي توحي بها القصة.وتستطيع الأم أن تستعمل القصة كوسيلة لتعليم طفلها اللغة. والطفل يستطيع أن يحفظ بعض الكلمات التي تتناسب ومرحلته العمرية قبل أن يتعلم القراءة والكتابة ومع تكرار وإعادة سرد القصة يحفظ الطفل العديد من الكلمات ويتعود على النطق السليم. أهمية قراءة القصة للأطفال تعمل القصة على تمتع الطفل وإسعاده وتساعده على قضاء وقته في شيء مفيد. فعند سماع الطفل للقصة يلعب ويتحرك ويصدر أصواتا ويفهم كلمات جديدة وتشبع الكثير من حاجاته النفسية، وهذا يمنحه السعادة والمتعة. إن أول أنواع القصص التي تعطى للطفل تأتي من البيئة القريبة، ونقصد بذلك بيئته المنزلية الصغيرة التي يتفاعل معها والتي تسهم في تنشئة وتكوين عناصر شخصيته وذلك بمساعدة الطفل على بناء شخصيته من خلال النماذج المختلفة، التي تتناول مشاكل الطفل والتي تعمل على إكساب الطفل العديد من المهارات التي تسهم في بناء شخصيته، وكذلك يمكن أن يكتسب ويعتنق الكثير من الاتجاهات المحببة له والتي تلائم شخصيته. وإن قراءة القصص التي تجسد الإيجابيات لأطفالك تعد أبسط الطرق وأكثرها تأثيراً لتعليمهم أهمية التفكير الواقعي. ونرى أن بعض القصص تعمل على تقديم الحلول للعديد من المشاكل التي تجابه الطفل في حياته اليومية عن طريق اكتساب سلوك ما وتقليده من فحوى القصة؛ فالطفل يتوحد مع شخصيات ذكرت في القصة القريبة من شخصيته ومن خلال تفاعله معها سوف يكتسب العديد من الخبرات والقيم والاتجاهات والعادات والأنماط السلوكية المختلفة منها: النمو اللغوي تعمل القصة على زيادة الثروة اللغوية عند الطفل، وذلك من خلال إثراء حصيلته اللغوية المتمثلة بزيادة مفرداته واتساع معجمه اللغوي. إن لغة الطفل تنمو بالتقليد على هذا إذا قدمنا للطفل النماذج الجيدة من القصص فسوف يقلدها ويحاكيها في حياته اليومية، وتزداد الحصيلة اللغوية للطفل من خلال كلمات القصة وعبارات اللغة العربية وتعويده النطق السليم. إن قدرة الطفل على استيعاب اللغة هي من المؤشرات لنمو قدراته العقلية. النمو العقلي وكذلك تعمل القصة على إكساب الطفل الكثير من المعلومات وتساعده على غرس القيم والمبادئ الخلقية السليمة التي تسهم في تربيته وتوجيهه. إن النمو العقلي يخضع لمظاهر تطور العمليات العقلية المختلفة والتي تبدأ بالمستوى الحسي الحركي وتنتهي بالذكاء العام الذي يعتمد على نمو الجهاز العصبي، وذلك من خلال: * ازدياد القدرة على التذكر والحفظ والانتباه والتخيل والتفكير وغير ذلك من العمليات العقلية العليا. * نمو الوظائف العقلية مثل الذكاء العام والقدرات العقلية المختلفة. ونقصد بذلك، اللغة، الإدراك والقدرات المكتسبة والتي تعتمد على التعليم والتدريب كالتفكير، والتذوق، والابتكار عند الأطفال.* توسيع الخيال والتخيل وبما أن القصة تخاطب العواطف من خلال الصور الإبداعية والخلقية، فإنه من السهل على الطفل أن يحيا في جو من الخبرات الخيالية الموجودة في القصة وبعض الأطفال يمتازون عن غيرهم بقدرة فائقة على التصور، فنرى الأطفال إذا طلبت منهم أن يصوروا قصة استمعوا لأحداثها فسوف تجد خيالاتهم جسدت لهم آفاقاً كثيراً ما تجاوزت حدود تصوير الكاتب أحيانا. النمو الاجتماعي تحتوي القصة على اتجاهات اجتماعية، فهذه النصوص تساعد الطفل على إثارة نزعات سوية في نفسه، وتعمل على بث العواطف النبيلة، وبناء الخلق الفاضل وتدفع الطفل لحب الخير. النمو النفسي للقصة دور فعال وإيجابي في النمو الانفعالي للطفل. كالتحكم في الانفعالات المختلفة غير السارّة عن طريق الاستماع والاستشارة وإكساب انفعالات مقبولة كالسرور والبهجة والمشاركة الوجدانية، تخفف حدة التوتر والقلق كما يحدث عندما تستخدم القصة في العلاج الطبي والنفسي للأطفال، ويوجد فرع من فروع العلاج النفسي والعلاج السلوكي في الوقت الحاضر تستخدم فيه القصة كأداة في علاج الاكتئاب والاضطراب والمخاوف المرضية.
|