التحليل السياسي / غانم عريبي
مابين الحاكم الرسالي الاول الامام علي «عليه السلام» وهو يتخذ من الكوفة عاصمة للدولة الاسلامية وبين حيدر العبادي وهو يحكم العراق من بغداد جبل من الهم لا يلفه الا القدرة على فهم الناس وادارة شؤونهم وتحقيق العدالة الاجتماعية التي حلم الناس بها وتمنت السماء. لم يأت حاكم بر او فاجر الا وحار في امر العراق والعراقيين وربما كان الحجاج بن يوسف الثقفي الحاكم المتمرد الوحيد في التجربة «الاموية الاولى» من يقال انه استطاع ان يسوس العراق والعراقيين بالسيف والقهر والجبروت توطيدا لحكم بني امية وصقلا للمجتمع من زوائد الثورة وشروط التمرد على الحاكم. العراقيون قبل الحكم هم شغل الحاكم البر او الفاجر واحصائية بسيطة لخطب صدام حسين في اجتماعاته السياسية وكلماته العامة والنشرات الحزبية التي صدرت عن «البعث العربي» كانت تركز بالاساس على الكيفية التي يربي فيها الحزب الحاكم ويوجه المجتمع العراقي وحين شعر انه تمكن من العراقيين وقد استولى على العقل والقلب معا في عملية طويلة استغرقت سنوات وامكانات وتوجيه وارشاد حزبي وعمليات خنق لاصوات الناس حتى اذا قضى على الجبهة الوطنية واعدم الشيوعيين واباد الاسلاميين في اكبر حملة دموية وحفلة اعدامات انتقل النظام بالعراق والعراقيين الى ما يحقق المآرب والاهداف «القومية» وهي في الحقيقة مشاريع النظام العراقي السابق ورؤاه التي ينظر من خلالها لمفاهيم الوحدة والحرية والاشتراكية!. جاءت الحروب الضروس ابتداء من حرب الشمال والحرب العراقية الايرانية مرورا بحرب احتلال الكويت وماتبعها من تداعيات ولم يكن النظام العراقي يعرف ان هذا الشعب لايمكن تدجينه او الالتفاف عليه او الكذب على ضميره او تشويهه بعمليات المصادرة للرأي والشخصية والحقوق فكانت الانتفاضة الادارية التي قال فيها العراقيون كل شيء ليس في صدام حسين وحسب انما في الحجاج وعبيد الله بن زياد وهارون الرشيد والعثمانيين وحقبة البعث العربي والمشروع القومي!. على رئيس الوزراء ان يتعرف على العراقيين من خلال هذه المسيرة الممتدة في التجارب والمراحل والامتحانات العسيرة ويدرك حقيقة ويؤمن ايضا ان العراقيين لم يتوفر لهم الى غاية مجيئه رئيسا للوزراء حاكم يفهمهم وياخذ بايديهم ببساطة عيشه ورباطة جأشه وحكمته وبصيرته وقدرته على الادارة المجتمعية وتحقيق الحلم بالمساواة والعدالة. اقولها للرئيس ومن دون تملق واحاديث الذين ياتون عادة للشخصيات الكبيرة والمهمة في الدولة حيث يسبغون عليهم مسوح الرهبان ويتمسحون باكتافهم حيث كان شعراء وعلماء واهل وجاهة اجتماعية مستعيدين في ذلك سلوك البعض في العهد العباسي وكيف كانوا يتمسحون باكتاف الخلفاء: انك امام امتحان مجتمعي حقيقي قبل ان تكون امام امتحـــــان سياسي عصيـــب مع الشركاء الذين يتحين البعض منهم وفيهم الزلة لكي يكسرك في اول الربع الاول من فترتــــك الرئـــاسيــة. عليك ان تقترب من شعبك اولا اخي ابايسر وان تطل عليه وانت تحمل انجازا نوعيا في الامن مرة وفي جبهة القتال الممتدة مع داعش وهو مايجري تحقيقه الان والاهم في نظري وانا «رجل اعلام وعلاقتي بالتلفزيون والشاشة اكثر من علاقتي باي شيء اخر حيث تمتد التجربة التلفزيونية بي الى ماقبل 25 عاما من الان» ان يراك العراقيون في بيوتهم تتحدث الى عائلة او طفلة او صبي او تقلب معهم اوراق امتحان يومي او فصلي او تتعشى او تتغدى مع عائلة مستضعفة او محرومة او تواسي عائلة مشردة او تمضي يومك مع حارة بائسة من حارات بغداد او اي مدينة عراقية مع انني ادرك صعوبة المضي بكل هذا في ظل الاوضاع الامنية ولكن لابأس من التجربة لكي يرى العراقيون فيك الاخ والاب. نريد ان نراك بغير بدلتك الرسمية وانت تدخل بيوت العراقيين وتمشي في مول المنصور وتجلس على «رحلة» طالب او طالبة في مدينة الصدر.. نريدك ان تكون واحداً منهم وليتك ذكرت في خطابك الرائع في مجلس النواب غداة اعلانك عن اسماء وزراء الحكومة لاهلك وشعبك انهم سيجدونك في كل مكان من حياتهم وان لايفاجأوا برئيس الوزراء وهو يركب حافلة من كراج النهضة الى مدينة الحرية او يقود الدراجة من بيته الى مجلس الوزراء او يشارك الطلبة والطالبات يومهم الدراسي او يوزع «الحليب» على ايتام مبرة او جمعية ايتام. سيادة الرئيس.. نقسم لك ان هذه «الوظيفة» لو لبيتها انا متاكد ان العراقيين سيحبونك اكثر وستكون قريبا منهم وانت بحاجة لهذه الخطوة في مواجهة سيول من الكراهية والدس والتحريف وتشويه المقاصد تتعرض له منذ ان توليت امر العراقيين في 18/11. اننا ندعوك ان تفعلها، واذا فعلتها فان الناس سيحبونك ويعذرونك اذا تلكأت عن تحقيق بعض ماوعدتهم به.. لان العراقيين شعب بسيط وطيب وقد تشبعه «الكلمة الطيبة» من مسؤول وتهينه «كلمة سيئة او ممارسة سيئة» وان كانت مدافة بالعسل المصفى!.
|