خليل ابراهيم جواد
لم تعد مسالة تعيين المستشار لهذا المسؤول او ذاك بالشئ العادي او المقبول ، بعد ان تحول الموضوع برمته الى ظاهرة ، بل وظاهرة خطيرة قد تحول العمل الحكومي من عمل يجري وفق القواعد القانونية ، والضوابط اﻻدارية المعتمدة في الدولة العراقية ، الى عمل حكومي يعتمد على اﻻجتهاد والتفسير ،وذلك بسبب كثرة المستشازين للمسؤول الواحد ، واختﻻف ارائهم ، وللوهلة اﻻولى نقول لماذا المستشار ،اذا كان المسؤول يتمتع بالقدرة والكفاءة المطلوبة لعمله . كما ان الدولة العراقية ، قبل السقوط ، لم تعهد مثل هذا التوجه نحو تعيين المستشارين بل نادرا ما تجد مستشارا في دوائر الدولة وشركات القطاع العام ، ﻻن العمل اايومي في اغلب هذه اادوائر يقوم ويجري وفف الضوابط والتعليمات ، وان المدير العام ، اضافة لكونه مخارا من اكفا العناصر ، فان لديه معاونين ، فهذا معاون المدير العام للشؤون اﻻدارية ، وذاك معاون الشؤون المالية او مدير حسابات اقدم في الشركات التجارية العامة وثالث معاون فني ورابع معاون تجاري ، وهكذا ، نجد ان هذا الكادر المحيط بالمدير العام قادر علىةاعطاءةالمشورة المطلوبة ، وكذا نزوﻻ في السلم اﻻداري ، فالمعاون لديه مدراء شعب مدربين واصحاب كفاءة ، تسلقوا هذا السلم عبر اعوام طويلة ، وكان الموظف يتشرف بالدرجة قبل الراتب ﻻنها بالنسبة اليه مرتبة اجتماعية ، يقال عنه مثﻻ انه شخص محترم ﻻنه مدير ، او انه شخص مقدر ﻻنه موظف حكومي ، واذا تقدم للزواج فانه مفضل قبل غيره ختى ولو كانوا من اﻻغنياء، اما الوزراء ، فلم يكن لهم على اﻻغلب مستشارين ، بل كان الوكيل اﻻقدم ينوب عنه في حالة غيابه ، وله وكيل اخر ، وكﻻ الوكيلين يقدمان المشورة للوزير ،وهما في العادة وصﻻ الى هذا المنصب بالتدرج الوظيفي وهما يحمﻻن الخبرة والمعرفة الحقيقية بكل دوائر وامور الوزارة ، لذا ﻻيجد المتابع درجة مستشار في مﻻك اغلب الوزارات ودوائر الدولة اﻻخري ، واليوم يجد المشاهد هذا الكم الهائل من المستشارين ، ابتدا من الوزارات مرورا بالدوائر التابعة لها وصوﻻ الى مجالس المحافظات ، ويتقدم كلةهذا الكم من الدوائر التي تعتمد على المستشارين ،دوائر رئاسة الجمهورية ، ورئاسة مجلس الوزراء ، ولو اردنا معرفة اﻻسباب ، لوجدناها اسباب متعددة ، اما عدم وجود كادر كفؤ للعمل الموكول اليه ،او ان المسؤول غير ملم بعمله ، مما يستدعي تعيين مستشار ، او ان المسؤول وبسبب الصﻻحيات الممنوحة اليه ،يحاول تعيين اخوته او ابنائه او احد اقاربه بهذا المنصب ، وهنا مدخل جديد للفساد اﻻداري ،بل والمالي ، ونود اﻻشارة بهذا الصدد ،ان المستشار غير الكفوؤ سوف يسبب مشاكل للعمل اليومي ويعقدها بدﻻ من ان يحلها ، وان هذا المستشار اضافة الى تحميل الدولة الرواتب التي يتقاضاها ،وامصروفات اﻻخرى ، فانه بتعيينه هذا قد يكون قد ابعد شابا متعلما عن فرصة العمل المتاحة ، المستشارون سادتي ، هم كالحمايات ، حلقة زائدة ، وكثرة عددهم يسبب اﻻرباك في العمل الحكومي ، ناهيكم عن كونهم عوائق لتسلق الجيل الجديد سلم الدرجات الوظيفية ، في عالم جديد يعتمد الكفاءة والمقدرة والدماء الشابة.
|