كريس جايلز
الانخفاض السريع للتضخم، وإن كان من الصعب تجاهله، أمر ليس ذا أهمية بالنسبة للآفاق الاقتصادية في المملكة المتحدة، مقارنة بنمو الإنتاجية. هذا الأمر واضح من الصفحات الأربع الأخيرة في تقرير بيان الخريف الصادر عن مكتب مسؤولية الميزانية، الذي يقيم حساسية توقعاته على المسارات البديلة للإنتاجية.في سيناريو مكتب مسؤولية الميزانية الضعيف، يفترض المكتب 0.5 في المائة فقط من نمو الإنتاجية سنويا، على غرار الأعوام الأربعة الماضية. النمو أصبح أبطأ حتى مع خطط تشديد الإنفاق العام بشكل مؤلم، إلا أن خفض العجز يتعثر بصورة بطيئة. بدلا من تحقيق فائض بنسبة 1 في المائة من الدخل الوطني بحلول عام 2019/2020، لا تزال البلاد تعاني عجزا يبلغ 2 في المائة. في السيناريو القوي، يعود نمو الإنتاجية كثيرا كما كان في فترات الانتعاش في أوائل السبعينيات والثمانينيات. ويبلغ متوسط النمو المتوقع نحو 4 في المائة سنويا، ويتم القضاء على العجز تقريبا عام 2016/2017 ولن تكون هناك أي حاجة إطلاقا لمزيد من التقشف. كلا السيناريوهين يُظهر أن الإنتاجية سوف تُحدد ما إذا كانت الانتخابات العامة في عام 2015 هي انتخابات “يجب الفوز بها” أم “من الأفضل خسارتها”. ولأن أمورا كثيرة تتوقف على الإنتاجية، الخبر السيئ هو أننا لم نقترب بعد من فهم تراجعها. مارتن ويل، عضو لجنة السياسة النقدية التابعة لبنك إنجلترا، قدم خدمة عامة في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي، من خلال البحث في الأدلة الدولية عن حل. ووجد أن بريطانيا ليست وحدها التي تعاني تباطؤ ما بعد الأزمة، على الرغم من أن التراجع هنا أسوأ مما هو في بلدان مماثلة. محاولة العثور على أنماط عبر البلدان في البيانات ليس فيها بهجة تذكر، باستثناء الربط الضعيف الذي يُشير إلى أن البلدان التي عانت حالات ركود أكبر حصلت أيضا على التداعيات الأسوأ. كذلك وجد ويل عدم وجود أي ارتباط وثيق بين البلدان التي تبعت النصيحة بتحرير أسواقها وتلك التي تكون فيها حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي عالية. التفسيرات المحلية للانخفاض في الإنتاجية كانت أفضل قليلا. التلميحات إلى أن الشركات حشدت العمالة في فترة الانكماش لم تعد تفسيرا ملائما للإنتاجية الضعيفة اللاحقة، لأن معدل التوظيف ازداد بنسبة 6 في المائة منذ عام 2010. الشركات التي لديها فائض في العمالة لن تنهمك في التوظيف. ومع تعديل الأرقام الخاصة بالاستثمار ومخزون رأس المال إلى الأعلى بشكل حاد، الحجج بأن الشركات قامت باستبدال العمالة برأس المال كذلك لم تعُد قوية. الحكايات حول تدمير الأزمة المصرفية لعملية التخصيص الفعّال لرأس المال لشركات ناشئة ذات إنتاجية عالية فشلت أيضا. الأبحاث من الجمعية الخيرية للابتكار، نيستا، تُظهر أن نمو الإنتاجية قبل الأزمة لم يُساعده ولادة شركات فعّالة وموت العمال المثابرين. المعهد الوطني للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية يعتقد أن معظم ركود الإنتاجية الأخير كان أيضا داخل الشركات - ليس نتيجة ضعف أداء المصارف في تخصيص رأس المال. هناك تفسير لا يزال قائما، وهو الحكايات الفردية لمختلف الصناعات، التي يمكن أن تفسّر الضعف غير المتناسب في مجال النفط، والتمويل، وشركات المنافع العامة. لكن حتى أنصار هذا النهج، مثلي، يوافقون على أنه لا يستطيع تفسير كل هذا النقص. بالتالي ليس أمامنا سوى الموقف غير المُرضي للغاية بأن الضعف في نمو الإنتاجية هو الأمر المجهول المعروف الأكثر أهمية بالنسبة لاقتصاد بريطانيا. لحسن الحظ، هناك احتمال مشجع. في مثل هذا الوقت من العام المقبل سوف نعرف تقريبا أكثر من ذلك بكثير. من غير المرجح أن تهنأ بريطانيا 2015 بنمو سريع آخر وضعف في الإنتاجية يدفع البطالة إلى أدنى مستوياتها منذ 40 عاما. إما أن علينا مواجهة حقيقة فظيعة عن التمويل العام في حال وصلنا إلى العمالة الكاملة دون إنتاجية أفضل، أو أن الاتجاهات سوف تتغير والنمو الفعّال داخل الشركات سوف يعود في عام 2015. وبما أننا لا نفهم الآلية، يُمكننا أن نأمل في الحصول على ذلك المستقبل الأكثر إشراقا.
|