3219 AlmustakbalPaper.net السوداني: ندعم مشروع التشغيل المشترك للمستشفيات ومعالجة معوقاته AlmustakbalPaper.net بعد سقوط الاسد .. الحكومة العراقية تؤكد ضرورة احترام الإرادة الحرة لجميع السوريين وتشدد على أهمية أمن سوريا ووحدة أراضيها AlmustakbalPaper.net وزير الداخلية: عززنا الحدود بقطعات من الجيش والحشد الشعبي وهناك منظومة موانع ممتازة AlmustakbalPaper.net رئيس الجمهورية لوزير البيئة: أهمية معالجة ظاهرة الانبعاثات الغازية والحد من انتشاره AlmustakbalPaper.net
أزمة اللجوء بعيون الغرب
أزمة اللجوء بعيون الغرب
أضيف بواسـطة
أضف تقييـم
  هيئة التحرير 

 تستعرض “المستقبل العراقي” أزمة اللجوء الكبـيرة إلى الاتحاد الأوربي من خلال وجهة نظر كتّاب ومفكرين غربيين، لتعطي وجهة نظر واسعة عن هذا الأمر، وكيف يواجه من قبل الحكومات الغربيّة، وما الحلول والمشكلات المطـــروحة أمام هذه الحكومات، فضلاً عن عرض تاريخ هذه الأزمة، ومدى وقوف الاستعمار والتدخلات الخارجيّة حولها. ستــــعمــــل “المستقبل العراقي”، في المستقبل على نشر هذه المواضيع لتعريف القاريء العراقي والعـــربي كيف ينظر إليه المواطن والمفكّر الغربي، وهي محاولة لتــــلاقح الأفكار، وتكوين رأي اتجاه الآخر، الذي يظلّ يصل إلينا من خلال وسائل الإعلام فحســب، ووفق قوالب جاهزة وغير وافية في الكثير من الأحيان.
جورجيو أغامبين
ترجمة: نايف الهنداس

في عام 1943، وفي دورية يهودية صغيرة مطبوعة تدعى مجلة “مينورا” نشرت حنة آرنت مقالا عنونته بـ”نحن اللاجئين”. في هذه المقالة المختصرة المهمة، وبعد ما قامت برسم صورة إنفعالية للسيد كوهين، ذلك اليهودي المندمج ثقافيا مع محيطه، والذي كان 150 بالمئة ألمانياً، و150 بالمئة نمساوياً، و150 بالمئة فرنسياً، ليستوعب أخيراً وبحُرقة أنه قد فشل مرتين في أن يكون كل ما سبق. لقد قلبت آرنت ظروف المهاجر والإنسان الذي لا يملك وطن -وهي التي كانت كذلك أيضاً– رأساً على عقب بغرض تقديم هذه الظروف كباراديغم لتأسيس وعي تاريخي جديد. يستلم هذا اللاجئ الذي فقد كل حقوقه، ورغم ذلك لا يرغب بأن يندمج ثقافياً مهما كان الثمن في هوية وطنية جديدة، لكي يستبصر وضعه بشكل واضح، امتيازا لا يقدّر بثمن، وإن كان بمقابل كراهية معينة: “لم يعد التاريخ كتاب مغلق بالنسبة لهذا المهاجر، ولم تعد السياسة امتياز لغير اليهود. فهو يعلم أن طرد اليهود من أوروبا كان متبوعا بخروج الأغلبية من الشعوب الأوروبية منها. فطرد اللاجئون من بلد لآخر كان يمثل تجربة أولية بالنسبة لشعوب هؤلاء اللاجئين ” حنة آرنت.
يستحق النقاش أن نعكس هذا الحس في التحليل على الأوضاع اليوم، خاصة بعد 50 عاما، فهذا الحس لم يخسر أي شئ من قيمته. ليس فقط لأن الأزمة تظهر بذات الشكل الطارئ، في أوروبا وغيرها، لكن أيضا لانها تأتي في سياق إنحدار لا يمكن إيقافه لمفاهيم دولة الأمة والتآكل العام لمفهوم القانوني-السياسي. فاللاجئون ربما هم الشكل الوحيد الممكن تصوره للشعوب المُصوَّرة. على الأقل حتى تنتهي عملية انحلال دولة الأمة وسيادتها، فإن اللاجئ هو الوحيد القادر على تلقي واستيعاب الصيغ والحدود الخاصة بالمجتمع السياسي المستقبلي. بالطبع، إذا ما أردنا أن نكون بنفس المستوى مع المهمة غير المألوفة التي تواجهنا، فإن علينا ترك -بدون أي شكوك- المفاهيم الأساسية التي قدمناها للنقاشات والأطروحات السياسية حتى يومنا هذا (ليس فقط مفاهيم الإنسان والمواطن ذو الحقوق، بل أيضا سيادة الشعوب، مفهوم العامل، إلخ.) وأن نعيد بناء فلسفتنا السياسية باعتبار هذه الفئة المميزة فئة اللاجئ نقطة بداية وانطلاق.
برزت ظاهرة اللاجئين كظاهرة كبرى بنهاية الحرب العالمية الأولى، عندما انهارت الإمبراطوريات الروسية، والنمساوية-المجرية، والإمبراطورية العثمانية، حيث قام النظام العالمي الجديد والذي نشأ عن اتفاقيات السلام بخلخلة البنية الديموغرافية والمناطقية لوسط وشرق أوروبا. ففي وقت قصير نزح مليون ونصف مليون شخص من روسيا البيضاء، وسبعمئة ألف أرمنيّ، وخمسمئة ألف بلغاري، ومليون يوناني، ومئات الآلاف من الألمان والمجريين والرومان، من بلدانهم وانتقلوا إلى بلدانٍ أخرى. ويجب أن نضيف إلى الجموع المتحركة هذه الوضع المتفجر الذي أدت إليه تلك الحقيقة القائلة بأن الدول الجديدة التي صنعتها معاهدات السلام على طراز مفهوم الدولة الحديثة (مثل يوغوسلافيا وتشيكوسلوفاكيا)، تشكل الأقليات فيها 30 بالمئة من مواطنيها، وأن هذه الأقليات كان يُتوجب حمايتها من خلال سلسلة اتفاقيات دولية (تسمى أيضا اتفاقيات الأقليات)، والتي بقيت مجرد أوراق لا فائدة يرجى منها. وفي السنين القليلة اللاحقة، تسببت القوانين العنصرية في ألمانيا والحرب الأهلية الإسبانية في انتشار وحدات كبيرة من اللاجئين في أرجاء أوروبا.
لقد اعتدنا على التفريق بين الشخص الذي لا دولة له وبين اللاجئ، ولكن هذا التفريق الآن كما في السابق، لا يبدو بذات السهولة التي نظن عندما نفكر بداية في الأمر. فمنذ البداية، كان الكثير من اللاجئين والذين كانوا تقنيا ليسوا من أولئك الأشخاص الذين لا دولة لهم وإنما فضلوا أن يكونوا كذلك على أن لا يعودوا لبلدانهم (تنطبق هذه الحالة على البولنديين والرومانيين اليهود، والذين كانوا في فرنسا وألمانيا في أواخر الحرب، أو ضحايا العنف اليوم والاضطهاد السياسي، بالإضافة لأولئك الذين تعتبر العودة لأوطانهم بالنسبة لهم بمثابة إلقاء ذواتهم في التهلكة ونوع من استحالة البقاء). 
ليس هذا بموضع من أجل مناقشة تاريخ اللجان الدولية المختلفة والتي من خلالها رغبت الدول وعصبة الأمم ولاحقا الأمم المتحدة في التعامل مع أزمة اللاجئين من خلال مكتب نانسن للاجئين الروس والأرمن (١٩٢١) إلى الهيئة المفوضية العليا للاجئين في ألمانيا (١٩٣٦)، إلى اللجنة الحكومية الدولية للاجئين (١٩٣٨) ومنظمة اللاجئين في الأمم المتحدة(١٩٤٦) إلى المفوضية العليا للاجئين الحالية (١٩٥١). والأخيرة طبقا لنظامها الأساسي، تنص على أن عملها عمل “إنسانوي اجتماعي”، وليس سياسي وأنها ليست بمنظمة فاعلة سياسيا. إن النقطة الأساسية هي أنه في كل مرة لا يمثل فيها اللاجئون حالة فردية ولكن ظاهرة اجتماعية (كما حدث بين الحربين العالميتين، وكما يحدث الآن)، تُثبت كلّ من هذه المنظمات وتلك الدول بالرغم من الاستغاثات الجادة لها بسبب فقدان حقوق مكفولة ولا غنى عنها من حقوق الإنسان، تثبت أنها ليست فقط غير قادرة على إيجاد حلٍ لهذه الأزمات، ولكنها أيضا فاشلة بالتعامل مع هذه الأزمات بالشكل المطلوب. وبهذه الطريقة يصبح الإشكال هذا كله قد انتقل من يد الشرطة إلى يد المنظمات الإنسانية.
ويكمن سبب هذا العجز ليس فقط في الأنانية وانحجاب الرؤية لدى الأجهزة البيروقراطية، وإنما في المفاهيم الأساسية التي تنظم وتنقُش مفهوم المواطن (ويقصد بهذا حياته) في النظام القانوني في داخل مفهوم دولة الأمة. كانت حنة ارنت قد خصصت الفصل الخامس من كتابها عن الإمبريالية، والذي خُصِّص لنقاش مسألة اللاجئين، وعنونته بـ “انحطاط الدولة الأمة ونهاية حقوق الإنسان”. هذه الصياغة -التي لا مناص منها -والتي يجب أخذها بجدية، تربط مصير حقوق الإنسان بمفهوم الدولة الوطنية الحديث، بطريقة تجعل إنهيار الدولة مؤدٍ بالضرورة لأن تكون حقوق الإنسان آيلة للزوال. والمفارقة هنا تكمن في أنه ذلك القالب – مفهوم اللاجئ –  بالتحديد والذي كان لزاما عليه أن يُجسِّد مفهوم تساوي البشر، شكّل على النقيض الأزمة الجذرية لذات المفهوم. كتبت حنة ارنت عن مفهوم حقوق الإنسان: “إنّ مفهوم حقوق الإنسان، المبنيّ على افتراض وجود الإنسان كإنسانٍ محض، انهار تمامًا حالما قابَل المؤمنون بِهِ أُناسًا خسِروا حقًا كل ميزة وَصِلةٍ خاصّة أخرى سِوى واقع كونهم بشرًا”. ففي نظام دولة الأمة، يكون ما يُزعم بأنه مقدس ولا يُتخلى عنه من حقوق للإنسان، ثبُت بأنه غير محمي بتاتا في تلك اللحظة التي لا تُصنف فيها تلك الحقوق كحقوق مواطن تلك الدولة. وهذا مُضمّن -إذا ما فكر المرء في الأمر -في غموض الإعلان عن حقوق الإنسان والمواطنة عام ١٧٨٩، والذي لم يكن واضحا فيه هل الإسمين يسمّيان واقعين أو هما فقط صيغة من صيغ المبالغة، حيث لفظة المواطنة في الواقع من الأساس تتضمن الإنسانية؟
إذا كان وضع اللاجئ يُعبَّر عنه كعنصر مُقلق في النظام المكوِّن لدولة الأمة، فذلك يعود قبل كلّ شئ إلى فصل هوية الفرد إلى إنسان ومواطن، والفصل بين الولادة والجنسية، حيث يقوم اللاجئ برمي هذا التخيل لمفهوم السيادة عند الدولة في صلب دوامة الأزمة. رغم ذلك كان هناك استثناءات لهذه القاعدة بطبيعة الحال، التي نجدها في بِدع عصرنا والتي تهدد الأسس الأولية لدولة الأمة، وأهم هذه البِدع بطبيعة الحال هي تزايد عدد البشر الذين لم تعد دولة الأمة قادة على استيعابهم والتعبير عنهم. ونظراً لأن اللاجئ يزعج ذلك الثالوث القديم (الدولة/الأمة/الأرض)، وعلى ما يبدو أن هذا الرمز الهامشي (اللاجئ) يستحق أن يكون هو الرمز الرئيسي في تاريخنا السياسي. سيكون من حَسَن الأمور ألا ننسى المخيمات القديمة التي شُيّدت في أوروبا كمجمعات للتحكم والسيطرة على اللاجئين، وما توالى بعد ذلك من مخيمات الإسكان الجبري إلى مخيمات الإعتقال، إلى مخيمات الإبادة حيث تمثل هذه المخيمات تسلسل طبيعي لما سبقها. إن إسقاط الجنسية عن اليهود والغجر كان أحد القوانين التي مهدت لإطلاق عملية “الحل الأخير” النازية، والذي تم فقط بعد ما سبق ذكره (وكان قد شمل ذلك المواطنين من الدرجة الثانية الذي منحوا هذا التصنيف عقِب قوانين نورمبرغ التي ورد ذكرها آنفا) وأصبح ممكنا أن يتم إرسالهم لمخيمات الإبادة. فحقوق الإنسان لم تعد حينها حقوق المواطن، فحينها يصبح الإنسان قابل أن يُضحّى به، بالمعنى القانوني الروماني القديم: من لا عِقاب في قتله.
لزامٌ علينا ان نفصل بين مفهوم اللاجئ من مفهوم حقوق الإنسان، وأن نتوقف عن اعتبار حق اللجوء – والذي يتم حظره بشكل كبير تشريعيا في الكثير من دول أوروبا – كتصنيف مبدئي تتأثر به ظاهرة اللجوء. فاللاجئ يجب أن يُنظر له بما هو عليه، وذلك بأن يُنظر له بأنه أزمة حدود، أزمة تشكك في مفاهيم دولة الأمة، وفي نفس الوقت تفسح المجال لأي تصانيف أخرى غير قابلة للتأجيل. تفترض أزمة ما يسمى باللاجئين غير الشرعيين إلى المجتمعات الأوروبية (والتي بافتراض ذلك في السنوات القادمة عندما يدخل 20 مليون لاجئ إليها قادمين من أوروبا الوسطى) عدة خصائص وأبعاد من أجل أن تبرر هذه الثورة في وجهات النظر. فما تواجهه الدول الصناعية اليوم هو إقامة دائمة من قِبل غير المواطنين، والذين هم لا يريدون ولا يستطيعون الحصول على الجنسية ولا أن يعودوا إلى أوطانهم. فغالبا غير المواطنين هؤلاء لديهم جنسيات أصلية في المقام الأول، ولكن نظراً لأنهم لا يفضّلون خدمات دولهم الأصلية الأمنية وحمايتها، فهم كاللاجئين تماما، “عديمي الجنسية بحكم الواقع” بالنسبة لأولئك المقيمين. ابتكر الكاتب توماس هامار لفظة جديدة وهي “الإنسان المؤقلم”، والتي تتميز بقدرتها على إظهار أن مفهوم المواطن لم يعد كاف لوصف الواقع الإجتماعي السياسي في الدول الحديثة. وفي المقابل يبرهن مواطنو الدول الصناعية المتقدمة (في الولايات المتحدة وأوروبا) من خلال هجرهم الموثّق للمشاركة السياسية، والميل الواضح للتحول إلى “الإنسان المؤقلم”، إلى الإنسجام مع المبدأ المعروف القائل بأن الإندماج المجتمعي الجوهري في وجود اختلافات أساسية يضرّ بالكراهية والتعصب والبغضاء وكراهية الأغراب، وإلى زيادة التضامن الجمعي.في المنطقة المتنازع عليها بين لبنان واسرائيل اليوم، هناك أربع مائة وخمسة وعشرون فلسطينيا تم تهجيرهم من قبل دولة اسرائيل. بحسب اقتراح حنة ارندت، فإن هؤلاء الأشخاص يشكلون طلائع شعب جديد. هذا لا يعني بالضرورة أو حصريا أنهم يمكن أن يكونوا النواة لدولة قومية مستقبلية، والتي من الممكن أن تكون حلاً للمشكلة الفلسطينية بنفس السوء الذي حلت به اسرائيل السؤال اليهودي على الأرجح، لكن بالأحرى فإن المنطقة المتنازع عليها التي لجأوا إليها وجدت بأثر رجعي داخل حدود دولة اسرائيل، مما يعني تقسيمها وتغييرها بحيث أن صورة ذاك “التل المغطى بالثلج” قد أصبحت جزءا من تلك المنطقة أكثر من أي منطقة تابعة لاسرائيل. لا يمكن تخيل نجاة الإنسان السياسية اليوم إلا حيث تكون أراضي الدول متداخلة ومشوهة طبوغرافيا، وحيث يكون المواطن قد تعلم الاعتراف باللاجىء والذي هو ذات المواطن.
رابط المحتـوى
http://almustakbalpaper.net/content.php?id=11595
عدد المشـاهدات 65535   تاريخ الإضافـة 13/12/2015 - 20:27   آخـر تحديـث 04/07/2019 - 07:56   رقم المحتـوى 11595
محتـويات مشـابهة
الفياض: الأزمة السورية حدث داخلي حين تكون داخلية ولكن ليس مع المجاميع الإرهابية
بوتين: الغرب بسبب غطرسته وتكبره لا يرى أن العالـم يتغير
مصافي الجنوب تعلن استئناف الإنتاج وتؤكد عدم وجود أزمة بنزين
مجلس الوزراء يقرر :مناقلة مبلغ (31) مليار دينار من احتياطي الطوارئ، إلى وزارة الداخلية لتنفيذ مشروع تطوير حماية الحدود الغربية للعراق
تفاقم الازمة بين روسيا والغرب

العراق - بغداد - عنوان المستقبل

almustakball@yahoo.com

الإدارة ‎07709670606
الإعلانات 07706942363

جميـع الحقوق محفوظـة © www.AlmustakbalPaper.net 2014 الرئيسية | من نحن | إرسال طلب | خريطة الموقع | إتصل بنا