عامر جاسم العيداني شهدت محافظة البصرة عملية اعمار واسعة في البنى التحتية ، والتي شملت تبليط الشوارع والارصفة (بالمقرنص ) مع خدمات الماء والمجاري والكهرباء ، وجرى إحياء الكثير من المساحات الخضراء وبناء مدارس حديثة واعادة بناء المؤسسات الحكومية ، وهذه الانجازات مستمرة ولم تتوقف رغم المؤامرات التي تحاك ضد الحكومة المحلية في محاولة لعرقلة عملها وايقاف عجلة مسيرتها في البناء والاعمار والتطور ، ولكن ..!! تحتاج هذه الانجازات أن ترافقها عملية بناء الانسان ليواكب هذا التطور والإنجاز، وإظهار الوجه الحضاري للمخزون الفكري والثقافي لهذه المدينة العريقة، والذي يجب ان يأخذ اهتماما واسعا من لدن الادارة المحلية بشقيها التشريعي والتنفيذي، وأهمها التربية والتعليم وتشمل بناء المدارس والتخلص من الدوام المزدوج، وأن تبدأ بالمعلم الذي يعدُّ عمودها وبه تنهض الأمم ودعمه براتب جيد وسكن مع دورات تأهيلية مستمرة، والاهتمام بالمناهج التربوية والاخلاقية، والمبادرة بإنشاء المدارس الدولية التي يجب ان تشمل جميع المدارس وبصورة مستمرة، والنهوض بها لترقى الى مستوى الأمم التي سبقتنا بالتطور العلمي، وإعادة فتح المكتبات في المدارس، وتجهيزها بالكتب المتنوعة، وتشجيع الطالب على القراءة، وتوجيه معلم اللغة العربية بالعمل على دفع الطلبة بهذا الاتجاه، من اجل توسيع مداركهم ليكونوا قدوة المجتمع وبناة المستقبل، واعادة النشاطات اللاصفية مثل الرياضة والمسرح المدرسي ومعارض الفنون المختلفة. ويقع على عاتق الادارة المحلية واجب إعادة الحركة الثقافية نحو مسارها بعد أن توقفت ولم تنل الاهتمام من الحكومات المتعاقبة، وكما هو معروف أن البصرة ذات تاريخ ثقافي وتراثي قديم، والمدرسة الأولى في اللغة والادب العربي، وانتجت اساتذة الادب والشعراء، فيجب على الإدارة المحلية المبادرة بإنشاء مركز ثقافي شامل ليضم جميع النشاطات، وإقامة المهرجانات والمؤتمرات بمختلف انواعها، ولا ننسى أن يكون للمسرح والسينما الاهتمام ايضاً، حيث يقال ان الشعوب تنهض بالمسرح وهناك مقولة شهيرة تقول (اعطني مسرحا اعطكَ شعباً مثقفاً) ، وتخصيص جائزة للإبداع باسم البصرة لكل نشاط ثقافي تمنح سنوياً، واعطاء الاهتمام بمسرح الطفل لما له من أثر في استنهاض شخصيته وتنميتها. وهذا الدعم لهذا الجانب هو ضرورة ملحة لتنمية المجتمع فكريا وسلوكيا من اجل الحفاظ على المنجزات وديمومتها، ورفد المؤسسات بقيادات فاعلة في حركة البناء والتطور . إن الكتاب والمكتبة والمعارض الدائمية وفن الرسم والنحت لها اهمية كبيرة في المجتمعات يجب ان تحظى بالاهتمام ايضاً، والمساهمة في دعم الكتّاب والادباء والصحفيين بتوفير وسائل الابداع لهم، والمساهمة في طباعة اصداراتهم وتوزيعها على مكتبات الجامعات والمدارس. وندعو الحكومة المحلية الى تطوير شارع الفراهيدي ببناء بديل له ليحوي تفاصيل كثيرة، بالإضافة الى المكتبات لتشمل القرطاسية والسراجة والنشاطات الاخرى التي تدعم هذا الشارع ليكون معلما ثقافيا سياحياً. يُعدّ الشباب عماد المجتمع في تغيير واقعه وتطويره، إذ لم يوجّه جانبا من الاهتمام لهم وعدم اهمالهم ، ويحتاج الأمر الى مراكز شباب ثقافية في كل منطقة مجهزة بكل الوسائل من أجل تطوير قدرات الشباب واهتماماتهم، وقضاء وقت الفراغ بأمور ضرورية في توسيع مداركهم وممارسة هواياتهم، وليكون مكاناً لإظهار مواهبهم وابداعاتهم، وانتشالهم من الأماكن الموبوءة التي تبث السموم في عقولهم وأجسادهم. |