سبقت الكويت الأقطار الخليجية كلها في التباكي بدموع التماسيح على الشعب العراقي, لكنها كانت أول من غدر به عندما وقفت في طليعة الأقطار الخليجية التي تضامنت مع الغزاة, وكانت أول من تخندق مع كل الذين تخندقوا وتجحفلوا وتجوقلوا ضد العراق, وهي التي ماانفكت تطالب الأمم المتحدة بإنزال مقصلة البند السابع, وتسليطها على رقاب العراقيين من دون رحمة, وكانت (قطر) تذرف دموع التماسيح على أطفال العراق, وتتباكى على تداعيات الأوضاع المعيشية, التي خلفتها ظروف الحصار الجائر, بيد أنها كانت سباقة في تسخير مطاراتها وموانئها ومنافذها البرية في خدمة الغربان والخفافيش التي غزت العراق, وانفردت (قطر) بحرصها الشديد على تعزيز قوة الجيوش الزاحفة لدك حصون العواصم العربية في الشرق والغرب, وكانت أول من التحق بقوات الناتو, وأول من اشترك في عمليات (فجر الأوديسا) التي سحقت المدن الليبية, فقلبت عاليها سافلها, وأول من تضامن مع جنوب السودان بعد انفصاله عن الخرطوم, وأول من قاد الحملات الإعلامية التحريضية عبر أبواق الجزيرة, فلا تنخدعوا ببكاء الأقطار الخليجية على الدم السوري المراق في مدن الشام, ولا تصدقوا لهفتها الكاذبة على إرسال ملائكة الديمقراطية إلى درعا واللاذقية والقامشلي, ولا تغشكم رغباتها المصطنعة في إشاعة مبادئ العدل والحرية والمساواة بين الشعوب العربية, في الوقت الذي تتمسك فيه بحقوقها الشرعية المزعومة في التوريث المنوي, رافضة التنازل عن نهجها الثابت في توريث الحكم والسلطة لدفعات مشفرة من الأمراء والوزراء والسفراء, من الذين ينتمون لعائلة حاكمة واحدة ذات صفات وراثية معصومة من الخلل والزلل والفشل, فلا ديمقراطية أقطار الخليج تشبه ديمقراطيات العالم, ولا أنظمتها السياسية المغلقة تشبه الأنظمة المتفتحة في عموم عواصم العالم المتحضر. . باتت معظم تصرفات الأقطار الخليجية تثير الشك, وتبعث على الريبة, وبخاصة بعد انغماسها بعلاقاتها الحميمة مع البيت الأبيض, وكأنها وجدت ضالتها في الانضمام لمعسكرات الصقور في البنتاغون, ففضلتها على الشعوب والدول العربية غير المنتمية لتنظيمات الرفيق (أوباما), وها هي دموع التماسيح تترقرق كل يوم من عيون أمراء الديمقراطية, وشيوخ الحرية المزيفة في البوادي العربية. . لسنا أغبياء إلى درجة الهبل, حتى تنطلي علينا هذه المواقف الخدّاعة, ولسنا بهذه السذاجة حتى نتعاطف مع التماسيح الشرهة, التي أسهمت ومازالت تسهم في تدمير العواصم العربية, وتفكيك شعوبها وبعثرتها إلى طوائف ومذاهب وفئات متناحرة. كان ديدن الكيانات الخليجية القبلية منصبا منذ زمن بعيد على تدمير البلاد العربية من أقصاها إلى أدناها, فهي التي أشعلت نيران الحرب بين العراق وإيران, ومولتها من خزائنها, وزجت بالشعب العراقي في أتون الجحيم, وهي التي غدرت بالعراق واستنزفت ثرواته, وتجاوزت على حدوده, ثم ورطته بحروب غير متكافئة مع أمريكا, وهي التي انطلقت من قواعدها الصواريخ التي قصفت البصرة, وهدمت بغداد, ودمرت نينوى, وهي التي كانت ومازالت من أخطر حاضنات الإرهاب والتطرف, وهي التي وقفت مع العدو في حصار غزة, ووقفت معه في غاراته الوحشية على جنوب لبنان, وهي التي وأدت الوحدة العربية في مهدها, وكانت من ألد أعداء القائد اليمني المتحرر (عبد الله السلال), وهي التي فتحت منافذها الحدودية للأجانب, وأوصدتها بوجوه الجاليات العربية, حتى تحولت المدن الخليجية إلى مرتع للهنود والسريلانكيين والفلبينيين والبنغال, وهي التي تصر على إبقاء الشعب العراقي تحت طائلة البند السابع, وتمنع تحرره من قيود هذا البند الظالم, وهي التي لا تؤمن بحرية الأحزاب, ولا تؤمن بحرية الانتخابات الرئاسية, فالأمراء وحدهم هم الأمراء والأسياد والباشاوات, وهم السلاطين والحكام والشيوخ في ضوء ديمقراطية التوريث والتمليك والاستعباد. وآخر ما كنا نتوقعه هو التحريض على قتل السفراء السوريين, على خلفية الفتوى المتهورة, التي أطلقها النائب الكويتي الموتور (محمد الهايف) بشأن إهدار دماء سفراء سوريا في كل بقاع العالم, فتفاعلت معه بطانته من الرجعيين والمتحجرين, الذين ملأوا الدنيا بضجيجهم وعجيجهم, وتباكيهم الكاذب على انتفاضة الشام, فتظاهروا بالوقوف معها لأسباب تستبطن الدعوة لإثارة الشغب, وزعزعة الأمن والاستقرار, الذي كانت تنعم به ربوع الشام, وها هي القوى الخليجية الممعنة بتدبير الدسائس, والمتخصصة بحياكة المؤامرات الخبيثة, تواصل التربص بالشعوب العربية الفقيرة, وتضمر لها الشر, وتسعى للانتقام من الشعب السوري على وجه التحديد, وتنوي الإطاحة بالشعب اللبناني, وتستأنف التلاعب بفصول مسرحية الفوضى الليبية العارمة, والتي يبدو أنها لن تهدأ, ولن تعرف الاستقرار والهدوء بعد الآن, وها هم أقطاب الشر يتباكون اليوم بدموع التماسيح والثعالب على الشعب الليبي, في الوقت الذي يعدون فيه العدة لإشعال النار في المدن السورية كلها, ويتهافتون على إحراقها بالكامل بحملة خليجية اردوغانية إسرائيلية مسعورة.
الله يستر من دموع التماسيح ومن لؤمها وحقدها وغدرها ومكرها.
|